0
الإمام الترمذي ( من علماء الحديث ) صاحب أحد كتب الحديث الستة

سيرة الإمام الترمذي رحمه الله نسبه,حياته,علمه,مؤلفاته,وفاته

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله والصلاة والسلام على خير البشر محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه وأقتفى أثره الى يوم الدين   أما بعد أحبتي في الله  حديثنا اليوم عن الإمام الحافظ الفقيه الثبت،أحد حفاظ الحديث وعلمه وعلله، صاحب السنن. 
هو محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك. وقيل: محمد بن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن. وقيل: محمد بن عيسى بن سورة بن شداد بن عيسى السلميُّ الترمذيُّ الضرير.
وُلد في عام 209م (وقيل غير ذلك) بمدينة "ترمذ" الشهيرة – الواقعة على ساحل نهر "جيحون" من بلاد ما وراء النهر (في جنوب جمهورية أوزبكستان على حدود أفغانستان حسب التقسيم الجغرافي الحالي) في قرية " بُوغ "، بينها وبين ترمذ ستة فراسخ. كان جَدُّه سورة مروزيًّا (نسبة إلى مرو) "وهي من مدن في تركمنستان اليوم"، ثم انتقل هذا الجد أيام الليث بن سيار إلى بوغ، أما السلمي فهو نسبة إلى بني سليم، قبيلة من غيلان. وقيل بأن الإمام الترمذي وُلِد كفيفاً، إلا أن الإمام الذهبي يرجح بأنه أصيب بالعمى بسبب كثرة كتابته للعلم من أجل نشر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طلبه للعلم ورحلاته الحديثية

 امتثالاً للتوجيه النبوي الكريم "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة"وكما هي عادة علماء الإسلام والمحدثين عبر التاريخ الإسلامي  بدأ الإمام الترمذي في رحلاته العلمية فسمع من علماء الحديث بخراسان والعراق والحرمين الشريفين وغيرها.  وهو تلميذ إمام المحدثين الإمام البخاري, وتأثر به أشد التأثر، ولا سيما في فقه الحديث، وناظره، وناقشه.

شيوخ الإمام الترمذي

عاش أبو عيسى لتحصيل الحديث، وشد الرحال إليه أينما كان، واشترك الترمذي مع أقرانه الخمسة أصحاب الكتب المعتمدة، وهم الإمام البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي وابن ماجه في تلقي العلم على يد تسعة شيوخ، وهم: محمد بن بشار بن بندار، ومحمد بن المثنى، وزياد بن يحيى الحساني، وعباس بن عبد العظيم العنبري، وأبو سعيد الأشح عبد الله بن سعيد الكندي، وعمرو بن علي القلانسي، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن معمر القيسي، ونصر بن علي الجهضمي.
ومن شيوخه أيضًا الذين أخذ عنهم العلم: الهيثم بن كليب الشاشي صاحب المسند، ومحمد بن محبوب المحبوبي راوي الجامع عنه، ومحمد بن المنذر بن شكر.

ملامح شخصية الإمام الترمذي وأخلاقه

1- كان الإمام الترمذي يحب العلم والارتحال إليه، ومجالسة العلماء، فجاب البلاد يجلس إلى العلماء، وينهل من علومهم المتنوعة.
2- قوة الحفظ.

آراء العلماء في الإمام الترمذي

قال أبو يعلى الخليل بن عبد الله في كتابه علوم الحديث: "محمد بن عيسى بن سورة بن شداد الحافظ متفق عليه، له كتاب في السنن، وكتاب في الجرح والتعديل، روى عنه أبو محبوب والأَجِلاَّء، وهو مشهور بالأمانة والإمامة والعلم".
قال ابن الأثير في تاريخه:(كان الترمذي إماما حافظا له تصانيف حسنة منها الجامع الكبير وهو أحسن الكتب).
قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: (كان مبرزا على الأقران آية في الحفظ والإتقان).
قال المزي في التهذيب بأنه: (الحافظ صاحب الجامع وغيره من المصنفات، أحد الأئمة الحفاظ المبرزين ومن نفع الله به المسلمين).
وقال : قيل : إنه كان أكمه ، طاف البلاد ، وسمع خلقا كثيرا من الخراسانيين والعراقيين والحجازيين وغيرهم . 
وصفه السمعاني بأنه: (إمام عصره بلا مدافعة)
قال الإمام الذهبي في الميزان (الحافظ العالم صاحب الجامع ثقة مجمع عليه ولا التفات إلى قول أبي محمد بن حزم في الفرائض من كتاب الايصال أنه مجهول فإنه ما عرف ولا درى بوجود الجامع ولا العلل له).
ذكره ابن حبان في الثقات وقال فيه: (كان محمد ممن جمع وصنف وحفظ والإمام الترمذي صاحب لجامع من الأئمة الستة الذين حرسوا سنة رسول وأصبحت كتبهم في عالم السنة هي الأصول المعتمدة في الحديث ومن الذين نضر الله وجوههم لأنه سمع حديث رسول الله فأداه كما سمعه).
وقال الإدريسي : كان الترمذي أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث ، صنف " الجامع " و " التواريخ " و " العلل " تصنيف رجل عالم متقن ، كان يضرب به المثل في الحفظ .

مؤلفات الإمام الترمذي

1- الجامع للسنن وقد طبع عدة طبعات أشهرها طبعة مصطفى الحلبى بتحقيق المحدث العلامة أحمد شاكر وآخرين
2-العِلَلُ الكبير وقد طُبِعَ بترتيب أبى طالب القاضى فى مكتبة الأقصى بعمان الأردن سنة 1406 بتحقيق ودراسة حمزة ديب مصطفى فى مجلدتين
3- الشمائل وهو كتاب نَفِيسٌ رائق فائق فى موضوعه جَمَعَ فيه الإمام الترمذى أربعمائة حديث فى صفات النبى الخِلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ وقد طبع عدة طبعات من أفضلها طبعة دار الندوة الجديدة ببيروت بتحقيق عزت الدعاس وقد شرح الشمائل كثير من أهل العلم من أمثال الإسفرائينى والمُنَاوِى وابن حَجَرٍ الهيتمى وعَلِىٌّ القارى والبَيْجُورِى
4-العلل الصغير هذا الكتاب غير العلل الكبير وقد طبع فى آخر كتاب الجامع وقد شرحه الحافظ ابن رجب الحنبلى ومن أفضل طبعاته طبعة دار الملاح بتحقيق الدكتور نور الدين عتر
5-تسمية أصحاب رسول الله طبع فى مؤسسة الكتب الثقافية ببيروت سنة 1406 بتحقيق عماد الدين أحمد حيدر.
وهذه الكتب السابقة هي التي وصلت إلينا، أما كتبه الأخرى فقد فُقدت، وإنما ورد ذكرها في المراجع، وهي:
1- التاريخ ذكره ابن النديم صفحة 325
2- الآثار الموقوفة ذكره ابن النديم فى صفحة 325.
3-الزهد ذكره الحافظ ابن حجر فى تهذيب التهذيب 9/389.
4-الأسماء والكنى ذكره الحافظ ابن حجر فى تهذيب التهذيب 9/389.

من ثناء الأئمة على الإمام الترمذي

قال الإمام الحاكم: سمعتُ عمر بن علّك يقول: "مات البخاري فلم يخلّف بخراسان مثل أبي عيسى، في العلم والحفظ والورع والزهد، بكى حتى عمي وبقي ضريراً سنين".
وقال أبو الفضل البيلماني: سمعت نصر بن محمد الشيركوهى يقول: سمعت محمد بن عيسى الترمذي يقول: "قال لي محمد بن إسماعيل (يعني الإمام البخاري): ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي".
وقد روى الإمام البخاري حديثاً في صحيحه عن طريق تلميذه الإمام الترمذي.
وقال الإمام الذهبي في ترجمته للإمام الترمذي:
"محمد بن عيسى بن سورة؛ الحافظ، العلَم، الإمام، البارع..." إلى أن قال: "جامعه" قاضٍ له بإمامته وحفظه وفقهه، ولكن يترخّص في قَبول الأحاديث، ولا يشدّد..." الخ.

قوة حفظ الإمام الترمذي وذكائه

روى الإمام الذهبي في سيره عن الإمام الترمذي أنه قال عن نفسه:
كنت في طريق مكة ، وكنت قد كتبت جزئين من أحاديث شيخ ، فمر بنا ذلك الشيخ ، فسألت عنه فقالوا : فلان ، فرحت إليه ، وأنا أظن أن الجزئين معي ، وإنما حملت معي في محملي جزئين غيرهما شبههما ، فلما ظفرت سألته السماع فأجاب ، وأخذ يقرأ من حفظه ، ثم لمح فرأي البياض في يدي ، فقال : أما تستحي مني ؟ ! فقصصت عليه القصة ، وقلت له : إني أحفظه كله . 
فقال : اقرأ . 
فقرأته عليه على الولاء . 
فقال : هل استظهرت قبل أن تجىء إلي ؟ 
قلت : لا . 
ثم قلت له : حدثني بغيره . 
فقرأ على أربعين حديثا من غرائب حديثه ، ثم قال : هات . 
فقرأت عليه من أوله إلى آخره ما أخطأتُ في حرف. 
فقال : ما رأيت مثلك ! 

الجامع ومنهج الإمام الترمذي المتميز

تميز جامع الترمذي بأنه وضع فيه مصنفه قواعد التحديث، وكانت في غاية الدقة، وقد جعلها تحت عنوان (كتاب العلل) بحيث أدرجت ضمن أبواب الجامع، وقد ذكر الترمذي في أول كتاب الجامع أن الذي حمله على تسطير هذا المنهج في الجامع من العناية بأقوال الفقهاء وقواعد التحديث وعلله، أنه رأى الحاجة إلى ذلك شديدة، ولأجل هذا الهدف أراد أن يسلك مسلك المتقدمين، وذلك بأن يزيد ما لم يسبقه إليه غيره ابتغاءَ ثواب الله عز وجل.
ومن مزايا الجامع وخصائصه الفريدة التي امتاز بها، أنه يحكم على درجة الحديث بالصحة والحسن والغرابة والضعف على حسب حالة الحديث؛ فيقول بعد إيراد الحديث: حسن صحيح، أو حسن صحيح غريب. وقد يقول: هذا حديث حسن غريب من حديث فلان. وهذا يعني أن الغرابة في الإسناد، وإن كان للحديث روايات أخرى ليست غريبة، فإذا لم ترد طرق أخرى يقول: غريب لا نعرفه من غير هذا الوجه. وإذا كان في الحديث علة بيَّنها، فنراه يقول: هذا الحديث مرسل؛ لأن فلانًا تابعي، فهو لم يروِ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن فلانًا لم يروِ عن فلان، إذ لم يثبت له لُقِيًّا معه.

كتابه " الجامع " وأقوال العلماء فيه

صنّف الإمام الترمذي عدداً من الكتب الحديثية، أشهرها وأعظمها كتاب "الجامع المختصر من السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل"، وهو المشهور بـ"سنن الترمذي".
وللإمام الترمذي أيضاً كتاب "الشمائل المحمدية"، وكتاب "العلل"، وكتاب الزهد، وغيرها.
أما كتابه "الجامع" فقد وصفه الإمام الترمذي قائلاً:
"صنفتُ هذا الكتاب وعرضته على علماء الحجاز، والعراق، وخراسان، فرضوا به، ومن كان هذا الكتابُ في بيته فكأنما في بيته نبي يتكلم".
قال الإمام الذهبي معلقاً:
"كتابه "الجامع" فيه علم نافع، وفوائده غزيرة، ورؤوس المسائل، وهو أحد أصول الإسلام، لو لا ما كدّره بأحاديث واهية، بعضها موضوع، وكثير منها في الفضائل".
ثم أورد الذهبي ثناء الإمام أبي إسماعيل شيخ الإسلام على جامع الترمذي بقوله:
"جامع الترمذي أنفع من كتاب البخاري ومسلم، لأنهما لا يقف منهما إلا المتبحر العالم، و"الجامع" يصل إلى فائدته كل أحد".

وفاة الإمام الترمذي

تُوُفِّي الإمام الترمذي (رحمه الله) ببلدته (بُوغ) في رجب سنةَ 279هـ، بعد حياة حافلة بالعلم والعمل، وقد أصبح الترمذي ضريرًا في آخر عمره، بعد أن رحل وسمع وكتب وذاكر وناظر وصنَّف.  فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجزاه خيرا كثيراً طيباً مباركاً فيه، لما قدّم لأمة الإسلام هذه المصنفات العظيمة ونشر الحديث الشريف وتسبب في هداية الألوف المؤلفة من الخلق إلى العلم النافع والعمل الصالح.

المراجع
------------------------------------------------------
سير أعلام النبلاء - للإمام الذهبي
ميزان الاعتدال - للإمام الذهبي
تذكرة الحفاظ - للإمام الذهبي
تهذيب التهذيب - للحافظ ابن حجر
شذرات الذهب - ابن العماد
البداية والنهاية - ابن كثير
الوافي في الوفيات - الصفدي
الثقات - لإبن حبان
الفهرست - لابن النديم
تكملة الإكمال - لابن نقطة
روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...