0
الإمام النسائي ( من علماء الحديث ) صاحب أحد كتب الحديث الستة

سيرة الإمام النسائي رحمه الله نسبه,حياته,علمه,مؤلفاته,وفاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على خير البشر محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه وأقتفى أثره الى يوم الدين   أما بعد أحبتي في الله  حديثنا اليوم عن الإمام الحافظ الثبت، شيخ الإسلام، ناقد الحديث , صاحب السنن الصغرى والكبرى , وأحد أئمة الحديث النبوي الشريف  هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي  ابن بحر بن سنان بن دينار النسائي ( رحمه الله تعالى )

ولد بنسا من بلاد خراسان ( في أفغانستان وتركمانستان حالياً ) سنة 215 هـ ونشأ منذ صغره على التحصيل العلمي والسعي وراء المعرفة، ورحل في سبيل ذلك إلى العديد من البلاد منها الحجاز، العراق، الشام، وعدة مناطق بالجزيرة العربية واستوطن مصر.  وبعد أن حدثت فتنة حول ما كان يؤلفه من كتب حول صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر مع تلميذه إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان إلى القدس وسمع من الكثيرين بهذه الأقطار.

قال الحاكم: كان النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار وأعرفهم بالرجال.
إلى جانب اشتغاله بتحصيل العلم كان النسائي مجتهدا في العبادة مكثرا من الطاعة قال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ:
"سمعت مشايخنا بمصر يعترفون له بالتقدم والإمامة، ويصفون اجتهاده في العبادة بالليل والنهار، ومواظبته على الحج والجهاد"وقال غيره: كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكان له أربع زوجات وسُرِّيَّتان، وكان كثير الجماع، حسن الوجه، مشرق اللون". قالوا: "وكان يقسم للإماء كما يقسم للحرائر" كما عرف عنه أنه كان مجاهدا شجاعا متمرسا بالحرب وأساليب القتال، خرج مع أمير مصر غازيا فوصفوا من شهامته وشجاعته واقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين، كما قيل أنه شغل مناصب هامة في الأمور الدنيوية بجانب مكانته الدينية منها أنه عين أميرا لحمص.
وقد قيل عنه: إنه كان يُنسب إليه شيء من التشيع. قالوا: ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية، فقال: "أما يكفي معاوية أن يذهب رأسًا برأس حتى يُروى له فضائل؟!" فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في حِضْنَيْهِ (الحِضْنُ: ما دون الإبط إلى الكشح)، حتى أخرج من المسجد الجامع، فسار من عندهم إلى مكة فمات بها.

مشايخه وتلامذته

من أشهر من أخذ عنهم واستفاد من علمهم:
  • إسحاق بن رَاهَوَيْه
  • الإمام عليّ بن حجر
  • الشيخ قتيبة بن سعيد الذي ارتحل إليه في سن الخامسة عشرة وأقام عنده سنة وشهرين.
  • محمد بن إسماعيل البخاري المشهور بالبخاري.
  • مسلم بن الحجاج المشهور بالإمام مسلم.
  • أبو عيسى محمد الترمذي المشهور بالترمذي.
  • وأبو داود.
  • أبي كريب.
  • سويد بن نصر.
  • محمد بن النضر المروزي.
  • محمود بن غيلان.
  • محمد بن بشار (بُندار).
  • هناد بن السري.
  • محمد بن عبد الأعلى.
  • محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس بن دينار البصري.
  • وغيرهم من كبار الرواة، رحمهم الله.
أما من أخذوا عنه فهم كثيرون أشهرهم:
  • أبو القاسم الطبراني،
  • أبو جعفر الطحاوي،
  • إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان،
  • أبو علي الحسين بن محمد النيسابوري، الشهير بالنيسابوري،
  • محمد بن معاوية بن الأحمر الأندلسي،
  • الحسن بن رشيق،
  • محمد بن عبد الله بن حيوية،
  • حمزة الكناني،
  • وغيرهم...
مكانة الإمام النسائي العلمية

كان الإمام النسائي من بحور العلم مع الفهم والإتقان والبصر ونقد الرجال وحسن التأليف، رحل في طلب العلم إلى خراسان والحجاز ومصر والعراق والجزيرة والشام والثغور، ثم استوطن مصر ورحل الحُفَّاظ إليه، ولم يبقَ له نظير في هذا الشأن. حدَّث عنه أبو بشر الدولابي، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو علي النيسابوري، وغيرهم كثير.

قال الحافظ ابن طاهر: "سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه، فقلت: قد ضعَّفه النسائي. فقال: يا بُني، إن لأبي عبد الرحمن شرطًا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم. قلت: صَدَق؛ فإنه ليَّن جماعة من رجال صحيحي البخاري ومسلم".

قال الحاكم: "كلام النسائي على فقه الحديث كثير، ومن نظر في سننه تحيَّر في حسن كلامه". وقال ابن الأثير في أول جامع الأصول: "كان شافعيًّا، له مناسك على مذهب الشافعي، وكان ورعًا متحريًا".

مؤلَّفات الإمام النسائي

ترك الإمام النسائي مجموعة من الكتب، منها:

  • السنن الكبرى 
  • السنن الصغرى أو سنن النسائي الصغرى ويعرف كذلك بالمجتبى
  • خصائص أمير المؤمنين وهو كتاب تهذيب خصائص الإمام علي تهذيب خصائص الإمام علي،
  • فضائل الصحابة،
  • كتاب المناسك،
  • الضعفاء والمتروكين 
  • تسمية مشايخ النسائي الذين سمع منهم، ومعه: ذكر المدلسين
  • عشرة النساء
  • المنتقى من عمل اليوم والليلة
  • فضائل القرآن
  • كتاب الأغراب
  • كتاب العلم
  • كتاب النعوت والأسماء والصفات
  • الإمامة والجماعة
  • الجزء فيه معرفة من روى عنه الشيخ الإمام أبو عبد الرحمن
  • كتاب الجمعة
  • كتاب الوفاة (وفاة النبي صلى الله عليه وسلم)
  • صحيح وضعيف سنن النسائي
  • من لم يرو عنه غير واحد
((السنن)) .. الصغرى والكبرى

اشتهر الإمام النّسائي رحمه الله بتأليف كتابين من الكتب التي جمعت الحديث النبوي الشَّريف، وهما: ((السنن الكبرى))، و((السنن الصغرى))، لكنَّ أهل العلم اختلفوا في نسبة الكتابين للإمام النّسائي، ولا بأس أن نعرِّج  على هذه المسألة قبل الغوص في الحديث عن الكتابين ، فهو أمر ذو أهمية في بابه؛ فقد اتفق بعض أهل العلم والاختصاص أنَّ الإمام النسائي ألَّف كتاباً في السنن وهو المعروف بـ((السنن الكبرى))، أمَّا السنن الصغرى فهي اختصار للسنن الكبرى قام به تلميذه الإمام ابن السُّني، وخالف هذا القول بعض أهل العلم، فقالوا : إنَّ الكتابين ((السنن الكبرى)) و ((السنن الصغرى)) هما من  تأليف الإمام النّسائي، وما الإمام ابن السُّني إلاَّ راوِ من رواة السنن الصغرى، ولعلَّ هذا الرَّأي هو الرَّاجح والله أعلم، وهو الرّأي الذي ذهب إليه ابن الأثير، وابن كثير، والعراقي، والسخاوي، وغيرهم.

ألَّف الإمام النسائي رحمه الله كتابه ((السنن الكبرى)) وضمَّنه الصَّحيح، وغيره، ثمَّ اختصره في كتاب ((السنن الصغرى))، وسمَّاه ((المجتبى))، جمع فيه الصَّحيح عنده، وهو المقصود بما ينسب إلى رواية النسائي من حديث، و((المجتبى)) أقل السنن حديثاً ضعيفاً، ورجلاً مجروحاً ودرجته بعد صحيحي البخاري ومسلم، فهو - من حيث الرِّجال - مقدَّم على ((سنن أبي داود والترمذي))؛ لشدَّة تحرِّي مؤلفه في الرِّجال، قال الحافظ العلاَّمة ابن حجر العسقلاني رحمه الله: (كم من رجل أخرج له أبو داود والتّرمذي تجنَّب النسائي إخراج حديثه، بل تجنَّب إخراج حديث جماعة في ((الصحيحين)).اهـ).

قال الإمام أبو عبد الله بن رشيد :  (كتاب النسائي أبدع الكتب المصنَّفة في السنن وأحسنها ترصيفاً، وكأنَّ كتابه بين جامع البخاري ومسلم مع حظ كثير من بيان العلل، وبالجملة فهو أقل الكتب بعد الصَّحيحين حديثاً ضعيفاً ورجلاً مجروحاً). (قواعد التحديث للقاسمي).

السنن الصغرى للإمام النسائي رحمه الله، يقال لها: ((المجتبى)) أي: المختارة من الكبرى، ووردت تسميتها أيضاً بـ((المجتنى))، و((المجتبى)) كتاب عظيم القدر، كثير الأبواب، وتراجم أبوابه تدل على فقه مؤلفه، بل إنَّ منها ما تظهر فيه دقَّةُ الإمام النسائي في استنباط الأحكام من خلال عناوين الأبواب.

بلغ عدد أحاديثه ((5774)) حديثٍ، وأحسن طبعات هذا الكتاب الطبعة التي حقَّقها ورقَّمها ووضع فهارسها مكتب تحقيق التراث الإسلامي - دار المعرفة ببيروت، فإنَّه عند كلِّ حديث يذكر رقمه، وأرقام مواضعه الأخرى عند الإمام النِّسائي، ويذكر تخريج بقية أصحاب الكتب الستة، وأرقام الحديث عندهم.

أمَّا ((السنن الكبرى))، فعدَّة الأحاديث فيها ما يقارب 10770 حديثٍ، على اختلاف طبعات الكتاب.
أولى ثلة من العلماء والباحثين ((سنن النسائي)) الاهتمام والعناية اللازمتين، فقاموا بشرحه ألفاظه وتخريج أحاديثه و دراسة منهجه في جمع ونقد الأحاديث، فنذكر منهم على سبيل المثال: الإمام السيوطي ، والإمام السندي، وغيرهما.

درجة أحاديث الإمام النسائي

يقول السيوطي في مقدمة شرحه لكتاب السنن للنسائي: "كتاب السنن أقل الكتب بعد الصحيحين حديثـًا ضعيفـًا، ورجلاً مجروحـًا".

وقد اشتهر النسائي بشدة تحريه في الحديث والرجال، وأن شرطه في التوثيق شديد. وقد سار في كتابه (المُجتبى) على طريقة دقيقة تجمع بين الفقه وفن الإسناد، فقد رتَّب الأحاديث على الأبواب، ووضع لها عناوين تبلغ أحيانًا منزلة بعيدة من الدقة، وجمع أسانيد الحديث الواحد في موطن واحد.

من شروح سنن الإمام النسائي

(زهر الرُّبى على المجتبى) لجلال الدين السيوطي المُتوفَّى سنة 911هـ، وهو بمنزلة تعليق لطيف، حلَّ فيه بعض ألفاظه، ولم يتعرض بشيء للأسانيد.

حاشية لأبي الحسن نور الدين بن عبد الهادي السِّندي، المتوفَّى سنة 1136هـ. ومن الشروح الحديثة: (ذخيرة العُقبى في شرح المجتبى) للشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة، وهو شرح مبسوط، بذل فيه المؤلف جهدًا مشكورًا في نقل الأقوال، وجمعها وترتيبها، وترجيح ما ترجح لديه منها، ويظهر فيه الاهتمام بتراجم الرجال، والعناية بالمسائل اللغوية والنحوية التي تفيد في فهم الحديث، وقد طبع الكتاب مؤخرًا في ثمانية وعشرين جزءًا.

ثناء العلماء على الإمام النسائي

قال ابن كثير فى البداية والنهاية: "أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي، صاحب السنن، الإمام في عصره، والمقدم على أضرابه وأشكاله وفضلاء دهره، رحل إلى الآفاق، واشتغل بسماع الحديث، والاجتماع بالأئمة الحذاق". وقال الإمام الذهبي: "هو أحفظ من مسلم".

وقال ابن عدي: سمعت منصورًا الفقيه، وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي يقولان: "أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين". وقال الحافظ أبو عبد الرحمن النيسابوري: "أبو عبد الرحمن النسائي الإمام في الحديث بلا مدافعة". وقال أبو الحسن الدارقطني: "أبو عبد الرحمن مُقدَّم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره".

وفاة الإمام النسائي

اختلف في مكان وزمان وفاته، فقيل: تُوفِّي بمكة سنة 303 هـ. وقيل: تُوفِّي بفلسطين سنة 302 هـ.
قال أبو سعيد بن يونس في "تاريخه": كان أبو عبد الرحمن النسائي إماما حافظا ثبتا، خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاث مائة، وتوفي شهيدا بمدينة القدس على يد جماعة من الشباب الذين تنازعوا معه على كتابة كتاب باسم العباس وذلك في يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر، سنة ثلاث.
روى الذهبي وابن خلكان والمقريزي وغيرهم، أن النسائي خرج من مصر إلى دمشق والمنحرف بها عن علي كثير، فصنف كتاب تهذيب خصائص الإمام علي رجاء أن يهديهم الله عز وجل، فسئل عن فضائل معاوية فقال: أي شيء أخرّج؟! ما أعرف له من فضيلة إلاّ حديث: اللهم لا تشبع بطنه! فضربوه في الجامع  حتى أُخرج من الجامع، ثمّ حمل إلى الرملة فمات شهيدا، وفي رواية أخرى إلى مكة فمات فيها. 

مراجع للاستزادة :
------------------------------------------------------

  • أئمة الحديث النبوي - عبد المجيد هاشم الحسيني.
  • تاريخ أبو سعيد بن يونس - حرف النون وتراجم الاعلام لأهل السنة.
  • تذكرة الحفاظ للذهبي. 
  • وفيات الأعيان لابن خلكان.
  • المقفى الكبير للمقريزي. 
  • البداية والنهاية لابن كثير.
  • الوافي بالوفَيَات للصفدي.
  •  سير أعلام النبلاء للذهبي
  • قواعد التَّحديث للشيخ جمال الدين القاسمي.
  • الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث لابن كثير- أحمد محمَّد شاكر.

روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...